العاصمة التشادية إنجمينا... محطة دبلوماسية لا تشبه المحطات الأخري - ALMURASEL

عاجل

الاثنين، 20 أبريل 2020

العاصمة التشادية إنجمينا... محطة دبلوماسية لا تشبه المحطات الأخري


العاصمة التشادية إنجمينا... محطة دبلوماسية لا تشبه المحطات الأخري 


و تشاد ...مرأة تعكس حب السودان.

إسم إنجمينا... مفارقة للتعميد الفرنسي.

تحرر الرئيس التشادي من إسمه الفرنسي كمن يتحرر من وطأة أقدام مستعمر علي وطنه، فأطق علي نفسه،  إسم (إنقارتا تمبلباي) بدلاً عن (فرانسوا تمبلباي)؛ تلك الحلة التي ألبسها له المستعمر لتزين إسمه الأول، صفة أصبغها عليه ليرتديها طيله عمره؛ فهي عباءة فصلت له و (علي مقاسه) دون غيره؛ وكما تحرر هو من عبء وثقل وطأة المستعمر علي نفسه، حرر كذلك عاصمة بلاده من إسم أطلقه المستعمر الفرنسي عليها، (فورت لامي)  (حصن لاميFort Lamy) فأطلق عليها إسم إنجمينا (في السابع من أبريل لعام ١٩٧٣)؛ وكان المستعمر الفرنسي قد عمدها بإسم فورت لامي بعد شهر من مقتل القائد أمدييه فرانسوا لامي، الذي قتل في معركة كوسيري (Bataille de Koâusseri) الذي قتلته ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﻟﻠﺰﻋﻴﻢ ﺭﺍﺑﺢ  ﻭﺩ ﻓﻀﻞ ﺍﻟﻠﻪ ".في معركة كوسيري؛ ومات رابح متأثراً بجراحة في تلك المعركة، وقطع رأسه؛ حيث ينسب إنشاء مدينة إنجمينا للقائد الفرنسي إميل جنتيه في التاسع والعشرين من مايو عام ١٩٠٠ وسميت بفورت لامي تكريماً للضابط الفرنسي أمدييه فرانسوا لامي؛ تخليداً لذكراه. ورابح ود فضل الله، سوداني ولد في حلفاية الملوك، انضم والده للجيش المصري تحت قيادة الخديوي اسماعيل باشا، وبعد موته انضم رابح لجيش الزبير باشا رحمه ثم بدأ حياته مقاتلاً ضمن جيش الزبير باشا، ثم ﻗﺎﺋﺪﺍً فيه،
ﻭﻷﺳﺒﺎﺏ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺼﺮﺍﻉ ﻣﻊ ﺍﻻﻧﻜﻠﻴﺰ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ،
ﻭﻟﻤﺘﻐﻴﺮﺍﺕ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ ﺃﻳﻀﺎً، ﺍﻧﺴﺤﺐ ﺍﺗﺒﺎﻉ الزبير ﻭﺍﺑﻨﻪ
ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﻰ ﺃﺭﺽ ﺗﺸﺎﺩ ﺑﻌﺪ ﺧﺴﺎﺭﺗﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﺣﺪﻯ
ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻙ ﺑﺄﺭﺽ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﻭﻛﺎﻥ " ﺭﺍﺑﺢ " ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﻘﻮﺓ
ﺍﻟﻤﻨﺴﺤﺒﺔ . ولأسباب ومتغيرات عسكرية أنسحب رابح لداخل الأراضي التشادية الي منطقة الوداي. (شرق تشاد)؛ ﻭﺑﻌﺪﻫﺎ ﺃﺳﺘﻘﺮ ﺭﺃﻳﻪ ﻧﺤﻮ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺍﻣﺎﺭﺓ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻟﻴﺆﻣﻦ ﻟﻨﻔﺴﻪ
ﻭﻻﺗﺒﺎﻋﻪ ﺍﻷﻣﻦ ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻭﺍﻟﺜﺮﻭﺓ ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ، ﻭ ﺗﻮﺭﻳﺚ
ﺳﻠﻄﺘﻪ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻷﺑﻨﺎﺋﻪ .
ﻭﺃﺳﺲ ﺳﻠﻄﻨﺔ ‏( 1880 – 84 ‏) ، فإتخذ ﺭﺍﺑﺢ ﻣﻦ ﺩﻛﻮﺓ
ﻋﺎﺻﻤﺔ ﻟﻪ، ﻭﺑﻨﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﺼﺮﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺎﺯ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺇﻋﺠﺎﺏ
ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺇﻣﻴﻞ ﺟﻨﺘيه، ﻭﻗﺎﺩﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ
ﺇﻟﻰ ﺩﺍﺭﺑﻨﺪﺍ . إلا إنه إصطدم ﺑﺒﻌﺜﺔ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ ﻓﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻭﻗﺼﺪ
ﺇﻟﻰ وداي  ﻓﻬﺰم ﺳﻠﻄﺎﻧﻬﺎ. *(المصدر صالح  جدي صالح
(Kedelay ٨ نوفمبر ٢٠٠٨

*(وأذكر أن الأخ الباحث الدكتور بشير عربي قد أعد رسالته للدكتوراة حول رابح ود فضل الله).

وكلمة إنجمينا لها أصل في اللغة العربية (وتعني الإستجمام) وحرفت (بعربي إنجمينا كما يصتلح علي ذلك في تشاد) فأصبح الإسم (إنجمينا)؛ ويعود إنشاء العاصمة التشادية التي تقع علي إلتقاء نهري شاري ولقون علي التماس الحدودي بين تشاد والكمرون للعام ١٩٠٠.


تشاد ...بلد عظيم؛ وعمق إستراتيجي للسودان.

لا يعرف الكثيرين في السودان عن تشاد سوي إنها دولة مجاورة للسودان، فإن تحدث البعض عنها لا يتحدثون عنها بمعرفة، فهي قد لا تعدو أن تكون بالنسبة لهم سوي دولة جارة لبلادنا، و لا يقرون أن تداخلاً و تماذجاً قبلياً كبيراً نتشاطره علي حدودنا الغربية وفي عمق بلادنا الواسعة، فلنا مع تشاد عشرين قبيلة مشتركة، وحدود طولها١٢٨٠ كم؛ وثقافة وتراث غني مشترك، وتاريخ طويل ضارب في القدم؛ فمهد البشرية والإنسانية متقاسم كذلك بيننا، فقد كان الجيولوجي الفرنسي (ألان بوفيلين) وفريقه التشادي (أدوم محمد، وجمدمالباي أهونتا، وغونغديبي قانوني) وهم أعضاء البعثة الفرنسية لدراسة أصول البشر) أول من إكتشفوا (توماي) إنسان الساحل التشادي؛ (والإسم اللاتيني Sahelanthropus tchadiensis) في تشاد، وأطلق علي تشاد (مهد البشرية)؛ كما أن وادي هور، وإمتداده داخل السودان، وادي الملك كان يوماً ما أكبر الأودية الواقعة جنوب الصحراء ونهراً كبيراً وواسعا يرفد نهر النيل، وعلي ضفتيه قامت حضارة قديمة لأهلنا الزغاوة في السودان؛ وإمتداد جذورهم ورحمهم وأفخاذهم من ذات القبيلة (البديات)؛ في تشاد؛ وتزامن ذلك مع  قيام أول مملكة عربية إسلامية في القرن الثاني الهجري في تشاد في كانم شرقي بحيرة تشاد، وممالك أخري في حوض بحيرة تشاد مثل مملكة برنو وباقرمي وعويضي؛ مع ممالك إسلامية في السودان حتي وصول المستعمر الفرنسي لها في مطلع القرن العشرين معاً، فأول الممالك العربية الإسلامية في السودان كانت السلطنة الزرقاء ومملكة سنار، بقيادة عمارة دنقس وعبدالله جماع، وسلطنة الفور وحاكمها سليمان سولونق، ومملكة المسبعات في المنطقة المعروفة الأن بكردفان. و كانت مثيلاتها؛ الممالك التشادية؛ كانم و باقرمي وبرنو وعويضي؛ وكما في السودان أوقدت نار (وتقابة) القرآن، فالقرآن في تشاد في قلوب الحفظة من القونية في مملكة وداي عامراً، والقونية علي إمتداد دارفور، بلد القرآن؛ فالتشابه بين تشاد والسودان تاريخاً وثقافة ونمط حياة تكاد لا تستبينه وأنت تعبر من الفاشر فنيالا ثم الجنينة إلي أدري وأبشه حتي وصولك لإنجمينا؛ غير تغير اللهجة وملابس الرجال، ولكن يبقي الثوب السوداني للمرأة، والحناء وكل مستلزمات جمال المرأة وزينتها حاضراً في إنجمينا؛ وقد قدت يوماً سيارة من أبشه إلي الجنينة؛ فلم أشعر بغربة لسان أو مكان.

وربما تعتبر تشاد في أذهان البعض دولة متخلفة، بل هي أكثر تخلفاً من السودان، دولة كسائر الدول الإفريقية، علي خط جنوب الصحراء؛ لا شيء يميزها ولا شيء يميز علاقتنا بها، ففي نظر البعض أن تشاد؛ ليست كالدول الأفريقية الأخري ذات الإقتصاد القوي والبنية التحتية الضخمة والموارد الكبيرة، وعندما نذكر تلك الدول نشير إلي جمال السياحة فيها، والطقس، والتطور، وسهولة الوصول إليها عبر خطوط طيران عالمية ذائعة الصيت؛ ولأسمائها سحر، ولجمالها إبهار، ولسحرها بيان، فلا يخلو كلامنا عنها من تباه بتلك الزيارة، و ربما نفاخر بزيارتها، وليالي وأيام قضيناها في متعة، ولكن تشاد لا أحد، من الذين لا يعرفونها، يذكرها بشيء مميز؛ كل أولئك الذين يتحدثون عن تشاد، لا يعدو أن يكون حديثهم سماعياً، فهم لم يزوروها، ولم يفكروا في ذلك، ولن يفكروا فيه؛ فهي لا ترد في قائمة الدول التي يتمنون زيارتها أصلاً.


طبع التشاديين...لين وقوة.


ولكنهم إن زاروا تشاد، فهم سيزورون بلداً لا تشبه البلدان، وشعب لا يشبه الشعوب، وإن زاروها، فإنهم حتما، سيشهدون علي عظمة شعبها، تراثهم وتقاليدهم وقيمهم، روح الإباء والشهامة والرجولة عندهم، فالتشاديين إن دعوك لن يدخروا باباً للكرم، وإن ناصروك لن يبقوا علي شيء (لوقت الحارة)، فكل قوتهم ورباطة جأشهم حاضرة، و إن حاربوك، يحاربونك (حمرة عين) وفي وضح النهار، (لا يلبدوا شيء)، وإن ناصروك، فمواقفهم واضحة وواحدة، وكلمتهم راجحة، أناس طيبون، سمحة نفوسهم، قوية شكيمتهم، حبهم بعنفوان، وغضبهم بغليان، فيهم إلفة إن سعيت لها، وقسوة إن لاذوا لها؛ فيهم عفة، وصفاء وإباء، ولين يحسبه الجاهل هوان.

فإن زرتم تشاد ستعرفون كل ذلك، بل أكثر؛ ولكن لابد أن تكونوا في موقع لتعرفون ذلك؛ فإن قدرت التشاديين، بادلوك تقديراً بتقدير، وإن إحترمتهم، بادلوك إحتراماً بإحترام، و إن تواضعت أحبوك، وإن تبخترت سفهوك، فإن أردت معرفة قدر السودان فما عليك سوي زيارة تشاد، فعندها ستعرف قيمه بلدك السودان أكثر من ما عرفته وأنت بداخله، وستري السودان في عيون التشاديين بلد له قيمة لا يعرفها العديد من أهل السودان أنفسهم، وإن أردت معرفة بلدك السودان بحق؛ فإنك ستراه في عيون وقلوب التشاديين، بلداً له تراث لا يضاهيه تراث بلد أخر، بلد له ثقافة تمتد من تخوم البحر الأحمر وميناء عيذاب، وسواحل الصومال، وبحار الملح في جيبوتي، ومرتفعات الحبشة، وسهولها، وسفوح جبال إريتريا، وفي سحنات أهل هرر، والقلابات، والتقري، وحب أهل الكمرون، من شماله المسلم حتي جنوبه لدي موانيء دولا وكيريبي، وإكرام النيجيريين لك، وتوقيراً لك، وتري سماحة السودانيين ديناً وخلقاً ومعاملة لدي البربر في صحاري وسهول الواحات في الجزائر، وبدو ليبيا وتونس، وسفوح الأطلس الصغير والكبير، وسوح فاس ومأذنها، وسواحل أغادير، و إسلام أهل كانو حتي سواحل السنغال ونواكشوط. وبلاد الفولان والبول (القرعان في السودان) وسلطناتهم وآثار تمبكتو، وباماكو التاريخ التليد، وملثميها من الرجال الأشداء الكرماء، فالسودان ثقافة وعلوم ومعارف وسماحة تمتد عبر كل تلك المساحة الشاسعة؛ والسحنات المتداخلة المتماذجة، واللكنات العديدة، فشعوب كل ذلك الفضاء الإفريقي الرحب  تقدمك دون تردد ما دمت سودانياً لتؤم المصلين، وتتطلع إليك الأعين إن كنت تعتمر عمة سودانية، فأنت الإمام، وأنت العابد، وأنت العالم، وإن كنت زاهداً، والألسن المختلفة وإن كان بها عجم؛ تغني بلسان عربي وتردد أغنيات وردي "عمرك تسعتاشر سنه عمر الغرام عمر المني"، وتنتشيء لأغنيات سيد خليفة "المامبو السوداني". وترهف السمع في خشوع لتلاوة القاريء صديق أحمد حمدون، وشيخ الزين، وغيرهم، وتذوب في ذكر وحضرة (الجوهرة) عصر الجمعة، للطريقة التجانية، فالطرق الصوفية عندهم وعند غيرهم أقصي مظاهر الزهد الذي تطور عبر العصور.


إنجمينا محطة دبلوماسية لن تمحي من ذاكرتي، بل ولن يكون في ذلك شطط إن قلت ذاكرة العديدين من السفراء والدبلوماسيين السودانيين الذين عملوا بها منذ إنشاء العلاقات بين البلدين. فهي ستظل محطة بارزة في حياتنا جميعاً كزملاء في المهنة؛ ممن عملوا بإنجمينا، وأحبوا أهلها، وعشقوا نمط حياتها علي بساطته؛ فقد أعطتنا إنجمينا قيمة لمعني أن يكون للدبلوماسية تأثير وتفاعل؛ وذلك لأسباب عدة، ولكنها تظل أسباب مشتركة؛ فالسودان في تشاد بلد له قيمه، ولشعبه إعتبار، ولتراثه مكانة بارزة، و لثقافته دور وتأثير، فمهمة الدبلوماسي في تشاد ممهده، ومثمرة، وتفاعله في المجتمع؛ إن أراد وسعي؛ له قبول وترحيب، فالسفير والدبلوماسي السوداني في إنجمينا صاحب دار، و له إعتبار كبير، ينظر له المجتمع التشادي بتقدير، والتقدير يعود للرحم والدم والتراث والثقافة المشتركة وللإسلام السمح.

ولهذا فقد وجد السودانيين الذين جاؤوا إلي تشاد، وطناً وبلداً ورحماً ودماً يشبه ما تركوه في السودان بل هو إمتداد له، فطاب لهم المقام والسكني، والتصاهر؛ ففي تشاد لا يشعرك أحداً بأنك غريب، ولا يعاملك أحد بأنك دخيل؛ فثيابنا تتماثل، وثقافة أكلنا واحدة، وملاح التقلية نفسه، بل أطعم، والروب والعصيدة؛ لهما مذاق شهي،  فالنساء يلبسن الثوب السوداني؛ لا إختلاف فيه سوي (جدعته)؛ والعمة هي ذات العمة، وإن طالت بعض الشيء، وتغطي بها الوجه إلا العينين؛ فأخذت إسماً آخراً؛ (الكدمول)، والمركوب؛ نمراً كان أو فاشرياً، سواء، وعندما نجلس إلي مائدة نفترش الأرض، وناكل بأيدينا؛ عصيدة كانت بملاح شرموط، أو ويكة؛ لا تختلف إلا مذاقها الأشهي؛ فهي إما من طحين الرز أو الذرة الشامي؛ وإن ذهبت معزياً في فقد عزيز لدي أي أسرة تشادية؛ (شليك للفاتحة)؛ لا يختلف فيه شيئ إلا الجلوس بدل الوقوف عندنا؛ وإن جئت مشاركاً في عرس؛ طربت للأغنيات السودانية ذاتها كما يطرب لها شقيقك التشادي، وعطرت أنفاسك الروائح البلدية النسائية ذاتها؛ الخمرة والدلكة، و ستجد أيادي النساء وأرجلهن مخضبة بالحنة، لا تختلف إلا في حمرتها الفاقعة.

وان ذهبت لسوق إنجمينا وجدت اللحم (بالوقة)، والسكر والشاي (بالكورة)، إلا الفول والعدس (بالميزان)؛ ويقول ليك التاجر "الفول دا ما للسودانيين بس"؛ فعلاً التشاديين لا يأكلون الفول؛ وإن بحثت عن (الكول والمرس والضرابة والشرموط واللوبا العفن والمرير) وجدتها معروضة؛ البيع والشراء، بأمانة؛ لا غش فيه؛ والذهب تفرشه النساء (العوين) حول الجامع، في قارعة الطريق، دون وجل؛ فتجد (أحفظ مالك)، والغوايش؛ والجنيهات الذهبية، والزمام؛ و لا أحد يتعدي علي النساء؛


و من الكلمات التي عليك معرفة معناها في تشاد:

النادم هو إبن أدم
نفرك. يعني قبيلتك
المتشاتشات تعني الخداع
تشكم يعني تبيع
الهراج تعني الغلاط
الدواس يعني العراك او القتال.

و من اسماء أحياء انجمينا التي أذكرها:

مرجان دفق، أردب جمال، أردب تيمان، أم سنينه، فرشه، كليواتي، ديقيل، انقيلي، قوجا شرفا، أم رقيبه، سبناقالي، مرسال، قردوالي،حلي روقي ،حلي ليكرير ، انبسطنا واربط صلبك، رضينا، كليب مات، وجمب البحر وبقناش، شقوه، كارتيه سنغال ، وبلولو، والاسم الأخير يعني بالفرنسية (beaux lolos)، فدمجت الكلمتين لتصبح كلمة واحدة مستعربة بالدارجة التشادية.والشوارع ، شارع نميري، وبوكاسا، وشارع ديغول، و قدرون روج، وشارع٤٠ وشارع ٣٠، و شارع ٠٥ وفي إنجمينا الأكلة الشعبية هي (التشه)، كما نأكل نحن الفول، و(البركيب)، مشروب حلو المذاق مكمل للتشه، فالأولي تعني اللحم المشوي؛ والثانية اللبن الرائب؛ وهي من الأكلات الشعبية المشهورة، قليلة الثمن.


و في إنجمينا عادة ما تسمع أصبحتوا عافية وقيلتوا عافية.
وكلمات الغزل عندهم لطيفه محببة؛ مثل الريدة وتعني المحبة، والقرم يعني العشق، والأخيدة تعني الزواج؛ لكن إياك ان تقول لتشاديين عاوز أعرس فلانة (فالعرس له معني سيّء).

والمشوطن عند التشاديين هو المجنون؛ والمرأة الغلبانة هي الحامل، والعوين هن النساء؛وشعر المرأة هو الصوف.

وعندما يريدون وصف اللص يقولون سراق؛ أما الذكي فهو حرامي؛ والضعيف عندهم باطل، والسمين قرقيت، والشجاع فحل ، والبخيل جباري، و الغبي لوتي، والجبان هوان مع إضافة كلة (ساي)؛ أما حق الشاي وحق القورو فهو إيحاء لطلب الرشوة؛وللتحذير يستخدمون مثل( ألمي حار ولا لعب ككو)؛ مثل يقابله عندنا (ألمي حار ولا لعب قونج)؛ و يعني الضفاضع لا تلعب في الماء الحار؛ وللوعيد الشديد يقولون  ؛ " هي ترا إنقرع، و معناها ابتعد او كف".

ثقافة السودان...رباط ثقافي جنوب الصحراء.

يوماً كنت في معية سعادة السفير القامة الدكتور حسن بشير عبدالوهاب وأسرته الكريمة في زيارة إلي مدينة قروة في شمالي الكمرون، (وفي قروة يسكن فاروق باهي، وهو إبن عّم سفيرنا وشاعرنا الكبير محمد المكي إبراهيم؛ جاء إلي الكمرون صغيراً مع والدته بعد زواجها برجل من أهل الكمرون؛ رجل شهم كريم؛ كان مديراً للشرطة لكل شمال الكمرون من قروة حتي كسري، زرناه في بيته في معية الصديق دكتور مصطفي أحمد علي، وأسرتينا فأكرم وفادتنا)؛ وفي المساء ونحن نتأهب للعشاء في باحة الفندق، فإذا بفرقة موسيقية بدأت تعزف لحناً سودانياً، لأنشودة كادت أن تندثر، وما هي لحظات وتدخل المغنية تتهادي بمقطع "أنت يا مايو الخلاص يا جداراً من رصاص"؛ فلم نتمالك أنفسنا من الدهشة، وبإنتهاء الفاصل الغنائي الذي غنت فيه "جلابية بيضاء مكوية حبيبي بسحروك لي"؛ والسفير يصر أن يذهب (ليبشر) في الفنانة تشجيعاً لها، في لحظة من إندهاش من الحاضرين وغالبيتهم من الفرنسيين وبعض الكمرونيين، فسألها السفير، وهو صاحب طرفه؛ هل تعرفين الأغنية الأولي أو الثانية أو الثالثة" فإذا بها تجيب بلا، "إذن ما هي الكلمات ومعناها؟ وما اللحن؟" وتجيب مرة أخري بلا، وفي صباح اليوم التالي ونحن نتجول في سوق المدينة سمعنا صوتاً لفنان سوداني يصدح في محل لبيع الأشرطة الكاسيت، فذهبنا لصاحب المحل، و إذا بالسفير يسأل صاحب المحل عن الأغنية وكلماتها ومغنيها، وتتكرر الإجابة، بلا، فأهدي السفير صاحب المحل شريط به مدائح لشيخنا البرعي طيب الله ثراه، وقال لصاحب المحل " هذا شريط مجاني، بشرط أن تنشره علي أوسع نطاق، ولا أظن السفير كان بحاجة لهذا الشرط، فسينتشر الشريط علي أي حال؛ وعلي كافة مناطق الكمرون.

السفير:  نصرالدين والي.

الجزء الأول.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق