ورطة وزير العدل والنائب العام في مجزرة 30 يونيو 2022 - ALMURASEL

عاجل

الأحد، 3 يوليو 2022

ورطة وزير العدل والنائب العام في مجزرة 30 يونيو 2022

 


اسماعيل التاج

مع تصاعد وازدياد عدد شهداء مواكب 30 يونيو لا يوجد وصف مناسب لعمليات القتل التي ارتكبتها الأجهزة الأمنية سوى انها: مجزرة. نعم، إنها مجزرة بكل ما تحمل الكلمة من معنى رغم تعهدات تقدمت بها وزارة الداخلية/رئاسة الشرطة في بيان لها يوم الأثنين 27 يونيو بحماية المواكب السلمية.

وعلى نقيض ذلك العهد شهدنا ممارسة لم يعهدها الشعب السوداني من قواته الشرطية التي يكن لها الاحترام وظلت بصفتها قوة مدنية ملاذ له في كثير ملمات. ولكن في عهد انقلاب 25 أكتوبر صارت قوات لا تعرف سوى القمع والقتل وحتى التنكيل بالضحايا في مفارقة للإرث الشرطي العظيم الذي تحفظه ذاكرة الشعب السوداني. حيث افتقدت الممارسة الحس الأخلاقي الذي دثر العمل الشرطي ونحن نرى أحذية العسس تدوس وتركل وتقلب جثة أحد الشهداء في مشهد ما كان يخطر ببال اي سوداني وسودانية ان يحيا ليرى في السودان ذلك المشهد البئيس الحزين مهما امتد به العمر والزمن وتقلبت ظروف الحكم و(مسغبة) الزمان.


 

عندما جييء برأس الحسين بن علي إلى يزيد بن معاوية ووضع أمامه فجعل يضرب فيه وينكت ثناياه (أسنانه الأمامية) بعصاة قصيرة امام الحاضرين من نسل الإمام علي والإمام الحسين دون وازع ديني او أخلاقي.

وفي الخرطوم، يحدث هذا الركل لجثمان أحد الشهداء في وقتٍ تعهدت فيه الشرطة بحماية المواكب السلمية.

فلا مواكب حمت، ولا إنسانية راعت.

ما ابعد زمن يزيد، ما اقرب فكر يزيد.

لنعد للوراء قليلاً.

أولاً:

في بيان لها يوم الأثنين 27 يونيو 2022 التزمت (رئاسة قوات الشرطة بحماية المواكب السلمية)، كما أكدت على (طلب السيد وزير الداخلية ورئاسة الشرطة من النائب العام ووزير العدل نشر مستشارين اتحاديين بأقسام الشرطة ومواقع التعامل كمراقبين للقوات والتأكد من تسليحها ومرافقة وكلاء النيابة التابعين وتدوين أي ملاحظات أثناء التعامل).

ثانياً:

في البيان الصحفي الصادر من شرطة ولاية الخرطوم يوم الخميس 30 يونيو والمنشور على صفحة وزارة الداخلية بالفيسبوك هنالك تأكيد على وإشادة (باستجابة النائب العام ووزير العدل بتكليف مستشارين ووكلاء نيابة علي مستوي عال كمراقبين ومرافقتهم للقوات خلال الاحداث).

إذاً، تجاوز الطلب إلى وزير العدل والنائب العام إلى مشاركة فعلية من جسميهما في يوم 30 يونيو ضمن القوة الشرطية التي (تعاملت) مع المواكب السلمية.

فماذا كانت المحصلة؟ ماذا كانت محصلة مشاركة أجهزة عدلية في مستوى وزارة العدل والنائب العام؟

المحصلة هي مجزرة اودت بحياة عشرة شهداء (قابلة للزيادة) وإصابات بعضها بالغ الخطورة ومئات من المعتقلين والمعتقلات وسط أنباء عن عراقيل لإطلاق السراح بالضمانة.

وتبقى الأسئلة المشروعة عن دور وزير العدل والنائب العام في مجزرة 30 يونيو ومدى تورطهما في ذلك من خلال مشاركة مستشارين ووكلاء نيابة.

هل ننتظر تقريراً متكاملاً من مراقبي وزارة العدل يكشف من امر بإطلاق الرصاص على المتظاهرين سلمياً ومن قام فعلاً بإطلاق الرصاص: شاملاً الجناة؟

هل ننتظر تقريراً وافياً من النائب العام يكشف فيه أسماء وكلاء النيابة الذين أعطوا أوامر إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين سلمياً مما أدى لإستشهاد عشرة شهداء على الأقل من شباب الوطن ومئات الإصابات بعضها خطير؟ امْ انّ هنالك جهة اخرى – خلاف وكلاء النيابة الذين أشار إليهم بيان وزارة الداخلية – أعطت أوامر إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين؟ وفي هذه الحالة ما هي تلك الجهة وماذا تمثل؟ ولماذا لم يتدخل وكلاء النيابة لمنع مجزرة 30 يونيو؟ وهل سوف يقدم النائب العام الجناة (سواء من أعطى الأوامر أو من قام بالتنفيذ) إلى العدالة؟

أم أن وزير العدل والنائب العام (بحكم تعيينهما بواسطة الانقلابيين) تم استخدامهما كغطاء عدلي لمجزرة 30 يونيو كما حدث في مجزرة فض اعتصام القيادة العامة في 3 يونيو 2019 بإستخدام رئيس القضاء والنائب العام وقتها.

يبدو أن دائرة التواطؤ سوف تتكشف رويداً رويدا ما بين بيان وزارة الداخلية وتعهداتها في 27 يونيو وبيان الشرطة التبريري للمشاهد المؤسفة لاستعمال السلاح وركل أحد الشهداء بالحذاء وهو ملقىً على الأرض بدلاً من القيام بواجب إسعافه إن كان به رمق حياة.

ذلك البيان الذي ما كان ليصدر لولا توثيق الحادثة بالفيديو لأن هنالك استعمال للسلاح والرصاص الحي في حالات أخرى أدت للوفاة لم يتطرق لها البيان التوضيحي الذي جاء فيه (تداولت وسائط التواصل الاجتماعي وبعض القنوات الفضائية مقطع فيديو يشير إلى إطلاق نار من شرطي بشارع الستين على متظاهرين وسقوط أحدهم على الأرض).

كل يومٍ يستمر فيه الانقلاب، تفقد الأجهزة العدلية احترام المواطن السوداني كلما انداحت دائرة فعلها في المساهمة في استعمال العنف المفرط بما في ذلك القتل ضد العزل والمتظاهرين سلمياً والتغطية على ذلك، مما يؤكد الحاجة الملحة لعملية إصلاح القطاع الأمني برمته.

وتبقى الحقيقة المرة في سؤال يحتاج لمعالجة: لماذا يتحول جهاز الشرطة إلى جهاز قمع مفرط في ظل أنظمة شمولية وانقلابات عسكرية؟ لماذا يتم التضحية بالعمل الشرطي لخدمة الانقلابات العسكرية؟

بخصوص مجزرة 30 يونيو 2022، على الاقل يعرف الشعب السوداني إسمي وزير العدل والنائب العام، وعلى ضوء بياني وزارة الداخلية في 27 و30 يونيو تقع على عاتقهما مسؤولية مجزرة 30 يونيو 2022 إذا لم يقدما كشفاً وبيانات ذات مصداقية حول مرتكبي المجزرة والإجراءات القانونية المتخذة في حقهم.

المجد والخلود للشهداء.

والخزي والعار لكل من جعل نفسه اداةً في خدمة أجندة انقلاب 25 أكتوبر ولم يعمل على حماية الحق المقدس في الحياة.

اسماعيل التاج

2 يوليو 2022

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق