بعد ثلاثين عاماً من الحكم الموت يضع نهاية حقبة رابع رئيس لتشاد.. من يطلق عليه البعض فتي باريس المدلل ..قصة مارشال أفريقي (حكاية ديبي) - ALMURASEL

عاجل

الخميس، 22 أبريل 2021

بعد ثلاثين عاماً من الحكم الموت يضع نهاية حقبة رابع رئيس لتشاد.. من يطلق عليه البعض فتي باريس المدلل ..قصة مارشال أفريقي (حكاية ديبي)

 


الخرطوم ” الزين عثمان

العشرون من ابريل كان  نهاية حكاية أفريقية اسمها إدريس ديبي ، نهارها يعلن التلفزيون التشادي عن مقتل الرجل الذي ظل ممسكاً بمقاليد البلاد الواقعة في وسط افريقيا لمدة ثلاثين عاماً،  المفارقة أن وقتاً قليلاً كان هو  الفاصل ما بين إعلان فوزه برئاسة الجمهورية لست سنوات أخرى بعد أن نال ما نسبته 79% من أصوات الناخبين في الانتخابات التي قاطعتها عدد من قوى المعارضة التشادية.
1
“ديبي”، هو رابع رئيس في تاريخ تشاد، حيث تولى الرئاسة، عام 1991، بعد انقلابه على  الرئيس السابق حسين هبري ، ولد في 1952، بمدينة فادا في جمهورية تشاد، وتنتمي أسرته إلى قبيلة “الزغاوة” المقيمة بين تشاد والسودان، التحق بالمدرسة الفرنسية في فادا ثم التحق بالثانوية الفرنسية العربية في آبش، وحصل على الثانوية العامة، ثم درس في كلية الضباط بالعاصمة انجمينا، أرسل إلى فرنسا حيث تخرج طيارًا سنة 1976، وحصل على شهادة المظليين ثم عاد إلى بلده عام 1976.
بعد ذلك، تدرج في المناصب العسكرية، حيث عينه الرئيس التشادي السابق حسين هبري قائدًا عامًا للقوات التشادية لإخلاصه وولائه، ثم مستشارًا رئاسيًا للشؤون العسكرية بعد نجاحه في ضرب القوات الليبية، إلا أنه في عام 1989، دب الخلاف بينهما بسبب زيادة نفوذ الحرس الرئاسي، فوجهت الاتهامات لإنتو بالتجهيز لانقلاب عسكري، ففر إلى السودان وأسس حركة مسلحة “حركة الإنقاذ الوطني”، لمواجهة نظام حبري، وتمكن من الدخول إلى العاصمة التشادية انجمينا في يوم 2 ديسمبر عام 1990، ما دفع حبري إلى اللجوء إلى السنغال، ومن ثم تسلم ديبي مقاليد الحكم في فبراير1991.
2
إذا كان لباريس طفل مدلل في أفريقيا، فإن اسمه إدريس ديبي. يتغير رؤساء الجمهورية في فرنسا، ولكن ثمة ثابتة لا تتغير، وهي الدعم المطلق لهذا القائد العسكري الذي وصل إلى السلطة في جمهورية تشاد – إحدى مستعمرات فرنسا السابقة في منطقة الساحل والصحراء الكبرى عام 1990 – وذلك بفضل الدعم المتعدد الأشكال الذي قدمته القوات الفرنسية المرابطة في تشاد منذ حصولها على الاستقلال في العام 1960. وكون الرجل فتى باريس المدلل، فالأمر تؤكد عليه طريقة التعاطي معه من قبل حكام باريس المتعاقبين على قصر الإليزيه بباريس، فالرجل وبخلفيته العسكرية وبالموقع الجيوسياسي  لبلاده كان يلعب أدواراً كبيرة في الحفاظ على مصالح باريس في المنطقة.
3
إدريس ديبي، السياسي – العسكري المولود في 18 يونيو (حزيران) من العام 1952، والذي منحته الجمعية الوطنية التشادية يوم 11 أغسطس (آب) من العام الماضي رتبة «مارشال»… ما زال «شاباً». وهو يمسك بمقاليد الأمور في بلاده بيد من حديد، ولن يترك السلطة على الأرجح غداً، ولا بعد غد.
في شهر يونيو مطلع الصيف الماضي، رقي إدريس ديبي إلى رتبة مارشال. وبهذه المناسبة صدر مرسوم رئاسي يحدد تفاصيل الثياب في المناسبات المتعددة التي سيرتديها القائد الكبير… سواء أكانت «ثياب المعركة» أم تلك الأكثر فخامة التي يفترض أن يلبسها في المناسبات الرسمية والشعبية. فـ«عصا المارشالية»، وفق المرسوم المؤلف من 6 صفحات، يحدد بالتفصيل شكلها، والأمر نفسه بالنسبة لسيف القائد، وما يتعين أن يحملاه من رسوم وزخارف. وفي التفاصيل، مثلاً، فإن عصا القيادة «يجب أن تكون متوافقة مع النموذج الإمبراطوري، وأن تزين بـ23 نجمة مذهبة»، بينما تتكاثر الخيوط الذهبية على الثياب الرئاسية كافة
4
خلال العقود المتتالية، أظهر ديبي قدرة على المقاومة والبقاء وممارسة السلطة المطلقة، معتمداً على بضع ركائز. أهمها؛ القمع الذي لا يرحم، وولاء الجيش المطلق، وعائدات النفط التي يشتري بها الدعم والحماية التي توفرها له باريس. ولقد أثبتت فرنسا خلال السنوات الثلاثين المنقضية أن رعايتها لإدريس ديبي بلا حدود. ولعل أهم ما في هذه الحماية أنها حمته من المحاولات الانقلابية الكثيرة التي تعرّض لها. بل لم تتردد أيضاً في التدخل لصالحه لمنع وصول المتمردين إلى قصره، غاضّة الطرف عن أفعاله وممارساته. في العام 2006، تدخلت القوات الفرنسية المرابطة في تشاد لقطع الطريق على الانقلابيين. وفي العام 2008، عاودت الكرّة، وكانت المحاولة الثانية أكثر جدية وأخطر من سابقتيها، إذ تمكنت قوات الانقلابيين حينذاك من بسط سيطرتها على غالبية أحياء العاصمة نجامينا، واتجهت إلى «القصر الوردي» مقر إقامة ديبي، الذي بدت أيامه وساعاته معدودة. ولكن فجأة، بسحر ساحر، تغيّرت الأمور لاحقاً بفضل القوة الفرنسية التي سيطرت على مطار العاصمة وقدمت الدعم لـ«الرئيس – القائد» الذي يعترف الفرنسيون بأنه حقيقة قائد عسكري من الطراز الأول، إضافة إلى مشاركة عدة مجموعات من قوات الكوماندوز الفرنسية في القتال إلى جانب القوات الموالية له.
5
لكن الآن صار ديبي خارج اللعبة بعد مقتله في مواجهات مع قوى المعارضة بحسب  ما جاء  في الرواية الرسمية المتداولة وهي رواية يصفها الكثيرون بأنها غير متماسكة وممتلئة بالثقوب التي تؤكد على أن العملية مرتب لها في سياق إعادة ترتيب المنطقة، حيث لم يعد الجنرال هو الرجل المناسب في الوقت القادم، كما أن الخطوات المتسارعة التي أعقبت الإعلان عن مقتل الرئيس بتنصيب ابنه رئيساً  لمجلس عسكري يقود البلاد لعام ونصف ربما تؤكد على فرضية أن خطة محكمة تم  وضعها وتنفيذها الآن وانتهت إلى  معادلة وحقيقة واحدة حتى الآن مفادها أن ديكتاتوراً افريقياً آخر يخلي مقعده في القارة، ويترك بلاده في مواجهة سيناريوهات متعددة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق